وهل ستدخلونني القبر
فقالا: كل ابن آدم داخله
فقلت: لكن ..!
فقالا: هذا شرع الله في ابن آدم
فقلت: لم أسعد بها من كلمة في حياتي .... كنت أخشاها ويرتعد لها جسمي ... وكنت
أستعيذ الله منها وأتناساها .
لم أتخيل أني في يوم من الأيام داخل إلى القبر .
سألتهم وجسمي يرتعش من هول ما أنا به: هل ستتركونني في القبر وحدي؟
فقالا: إنما عملك وحده معك .
فاستبشرت وقلت وكيف هو عملي؟؟ أهو صالح؟
......
وحطم صمتنا صوت صريخ أحدهم فالتفت أليه ... ونظرت إلى آخر .... فوجدته مبتسماً
بكل رضا
وكل واحد منهم لديه نفس الاثنين مثلي .
سألتهم: لم يبكي؟ !
فقالا: يعرف مصيره. كان من أهل الضلال
قلت: أيدخل النار؟ واسترأفت بحاله
وهذا؟؟ وكان متبسماً سعيداً رضياً .. أيدخل الجنة؟؟
ماذا عني؟
أين سأكون ؟
هل إلى نعيم مثل هذا أم إلى جحيم مثل ذاك؟
أجيبوني ..
فردا: هما كانا يعلمان أين هما في الدنيا. والآن يعلمون أين هم في الآخرة .
وأنت؟! كيف عشت دنياك؟؟
فرددت : تائه؟ .. متردد؟
قليلٌ من العمل الصالح وقليل من الطالح؟
أتوب تارة وأعود بالمعاصي كما كنت؟
لم أكن أعلم غير أن الدنيا تسوقني كالأنعام .
فقالا: وكيف أنت اليوم هل ستظل متردداً تائهاً؟
فصرخت : ماذا تقصد .. أواقع في النار أنا؟
فقالا: النار .. رحمة الله واسعة
ولا زالت رحلتك طويلة .
نظرت خلفي ... فوجدت عمي وأبي وأخي يبكون خلفي
يحملون صندوق على أكتافهم
ركضت مسرعاً إليهم
صرخت .... وصرخت .. ولم يرد علي أحد
أمي كانت بين الناس تبكي ... تقطع قلبي وذهبت إليها ... فقلت أماه ... لا تبكِ
.. أنا هنا أسمعيني ... أمي ... أمي ... أدعي لي يا أمي وقفت بجانب أبي : وقلت
في أذنه: أبي ... استودعتك الله وأمي يا أبي ... فلترعاها ... وتحبها كما
أحببتنا .... وأحببناك .....
صرخت إلى أخي ... أحب إلى من نفسي ... وقلت له ... احمد فلتترك الدنيا خلفك ...
إياك ورفقة السوء وعليك بالعمل الصالح ... الخالص لوجه ربك ... ولا تنسى أن
تدعوا لي وتتصدق لي .. وتعتمر لي ... فقد انقطع عملي .. فلا تقطع عملك .. حتى
بعد موتك ... فقد فاتني .. ولم يفتك أنت ... وتذكرني ما دامت بك الروح وإياك
والدنيا فإنها رخيصة ولا تنفع من زارها ... وقفت على رأسهم كلهم ... وصرخت
بكل صوتي : وداعاً أحبتي .. لكم يحزنني فراقكم ... ولكن إلى دار المعاد معادنا .. نلتقي على
سرر متقابلين .. أن كنا من أصحاب اليمين ..
لم يجبني أحد ... كلهم يبكون ... ولم يسمعني أحد ... تقطع قلبي من وداعهم بلا وداع
لم أتمنى قبل ذهابي إلا أن يسمعوني
وشدني صحبي .. وأنزلوني قبري
ووضعوا روحي على جسدي في قبري
ورأيت أبي يرش على جسدي التراب
حتى ودعني .. وأغلق قبري
لا يشعرون بما أشعر
وأحسدهم على الدنيا ... لطالما كانت مرتع الحسنات ولم آخذ منها شيء
= لكن لا ينفعني ندم
كنت أبكى وكانوا يبكون
كنت أخاف عليهم من الدنيا
وأتمنى إذا صرخت أن يسمعوني
وخرجوا كلهم وسمعت قرع نعالهم
وبدأت حياتي ... في البرزخ ....
لا إله إلا الله ... لا إله إلا الله .... لا إله إلا الله